الصورة الأخيرة قبل الاختفاء
الصورة الأخيرة قبل الاختفاء
الجزء الأول
كانت الصورة عادية للغاية، لولا ذلك الشعور الغريب الذي انتابني كلما نظرت إليها. يظهر فيها صديقي "خالد" مبتسماً، واقفاً أمام بحيرة مهجورة في الأطراف الشمالية للمدينة. التُقطت الصورة بواسطة هاتفه قبل أن يختفي.
خالد لم يكن من النوع الذي يختفي دون سابق إنذار. هو منظم، دقيق، ومرتبط بعائلته وأصدقائه. لذا، عندما لم يرد على مكالماتي أو رسائلي، شعرت أن هناك شيئاً خاطئاً. ذهبت إلى منزله، وجدت بابه مفتوحاً، والهدوء يسيطر على المكان. كانت حقيبته لا تزال بجانب الباب، ومفاتيح سيارته على الطاولة. كل شيء كان في مكانه، ما عدا خالد نفسه.
أبلغت الشرطة عن اختفائه، وقمت بتسليمهم الصورة. أخذوها، ودرسوها، لكنهم لم يجدوا فيها أي شيء غير عادي. "مجرد صورة لرجل سعيد في رحلة"، هذا ما قاله لي المحقق. لكني لم أقتنع. كانت هناك تفاصيل صغيرة في الخلفية كانت تزعجني. ظللت أحدق في الصورة لساعات، أحاول فهم ما كان يراه خالد بالضبط في تلك اللحظة.
قررت الذهاب إلى مكان الصورة. كانت بحيرة "الضباب"، وهي مكان يعرف عنه السكان المحليون أنه مسكون. وصلت إلى هناك، فوجدت المكان كما في الصورة تماماً. لكنني لاحظت شيئاً لم يظهر بوضوح في الصورة: كانت هناك حفرة صغيرة بجانب جذع الشجرة، وكأن شيئاً ما دُفن هناك. لم أتردد، وبدأت في الحفر بيدي.
بعد بضع دقائق، وجدت صندوقاً معدنياً قديماً. فتحته، ووجدت بالداخله مذكرة خالد بخط يده، بالإضافة إلى قطعة من القماش الممزق. كانت المذكرة مليئة بالخربشات الغريبة عن أصوات يسمعها في الليل، وظلال تتبعه. لكن الجملة الأخيرة كانت الأكثر إثارة للقلق: "إنهم يريدون مني أن أعود إلى المكان الذي جئت منه".
توقفت عن القراءة، ونظرت إلى قطعة القماش. كانت نفس قطعة القماش التي كنت أراها في الصورة، مثبتة على جذع الشجرة، لكنها لم تكن واضحة بما يكفي. كانت رسالة لي! لقد ترك لي دليلاً.
في تلك اللحظة، سمعت صوتاً خلفي. التفت، لأجد رجلاً غريباً ينظر إلي، عيناه تلمعان بطريقة غير طبيعية. قال بصوت هادئ: "لقد تأخرت، لقد أخذناه بالفعل".
لم أفهم ما كان يتحدث عنه، لكنني شعرت بالخوف يتسلل إلى قلبي. ركضت بأسرع ما يمكن، تاركاً المذكرة والصندوق خلفي. وصلت إلى سيارتي، وشغلت المحرك، وانطلقت مبتعداً عن البحيرة. نظرت في مرآة السيارة، لأرى الرجل نفسه يبتسم، ثم يختفي في الهواء.